ماذا يقول النواب عن معركة الفساد: موضة أم إصلاح؟

يعرف القاصي والداني أنّ الفساد في لبنان منظومة متكاملة تبدأ بنهب المال العام وبصفقات مشبوهة بمليارات الدولارات ولا تنتهي بالرشاوى والتوظيف السياسي. وليس أدلّ على ذلك سوى احتلال لبنان المراتب المتقدمة قي مؤشر الفساد في العالم، ناهيك عن مداخلات 54 نائباً تناوبوا على كشف حجم الفساد المستشري في سلطةٍ هم جزءٌ منها، ولكنّ أحداً منهم لم يسمّ فاسداً، باستثناء النائبة بولا يعقوبيان التي اتهمت الوزير جبران باسيل وآخرين بحصّة بلغت 8 % من خلال صفقة بواخر الكهرباء.

“همروجة” مكافحة الفساد لم تتجاوز حتى اليوم الحرب الكلامية التي تُستحضر بين موسم وآخر ثم ما تلبث أن تخفت وتختفي، ليتبين أنّها لزوم تصفية حسابات سياسية وانتخابية لا تقدم أو تأخر في امبراطورية الفساد. اليوم ما الذي تغير؟ هل نحن فعلا أمام معركة حقيقية ضد الفساد؟ أمّ أنّ المشهدية القديمة تكرر نفسها لنكون بالتالي أمام النتائج المخذلة نفسها؟

“لبنان 24” سأل بعض النواب من كتل سياسية مختلفة، وهم أكثر المتحمسين للمعركة، هل اتُخذ القرار السياسي بمكافحة الفساد ورفعِ الغطاء عن المفسدين أيًا كانوا؟ وكيف يؤثر تأليف المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب على تفعيل المحاسبة؟

عدوان: العبرة بالتنفيذ
رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان وصّف تأليف المجلس المذكور بالإجراء الضروري الذي نصّ عليه القانون، لجهة وجوب أن ينتخب مجلس النواب في بدء ولايته سبعة نواب كأعضاء للمجلس وتسمي السلطة القضائية ثمانية من القضاة الأعلى رتبة وأقدمية . واعتبر أنّ تأليف المجلس خطوة أساسية في مسار مكافحة الفساد، ليستدرك بأن العبرة ليست بالتأليف بل بالتنفيذ “تأليف المجلس من دون تحويل القضايا إليه، يُبقي مكافحة الهدر والفساد في إطار عام من دون جدوى. ولكني كما أرى المسار الجديد، سيقوم المجلس الأعلى المذكور بدوره وستُحال إليه قضايا الفساد، ومن مسؤوليتنا كنواب أن لا نجعل مكافحة الفساد في إطارالكلام فقط”.

وعن توافر الإرادة السياسية يجيب عدوان: “نعم هناك إرادة بذلك ومن يرفض رفع الغطاء عن المرتكبين فليتحمل المسؤولية. متفهماً عدم تصديق المواطن لما يسمع فقد أصبح يائسًا، ومن جهتي أعد بملاحقة المواضيع لتصل إلى خواتيمها”.

فضل الله: لم أسمع بـ..؟
كثر هم النواب الذين سألناهم عن معرفتهم بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، وعن اسماء زملاء لهم انتُخبوا لعضوية المجلس في ولايات سابقة، ليتبين وكأن المجلس مستحدث أو وصل للتو من كوكب آخر. وبصراحته المعهودة أجاب النائب حسن فضل ” قلت للرئيس نبيه بري كم مضى وقت على نيابتي من دون أن أسمع مرة واحدة بهذا المجلس”.

الخليل: بدأنا رحلة الألف ميل
النائب انور الخليل لا يرى في حديث لـ “لبنان 24” أنّ عملية مكافحة الفساد مهمة مستحيلة مستشهدا بنموذج سنغافورة التي تحولت من أحد أكثر البلدان فسادًا إلى مثال يحتذى في الشفافية، لأنّ القرار السياسي توجّه بشكل حازم ونهائي للقضاء على الفساد. وقال: “باعتقادي بدأنا بالخطوة الأولى في رحلة الألف ميل، المعركة ستأخذ وقتّا خصوصًا أنّ الفساد مستشري في الإدارات العامة، والنتيجة مرهونة بتوافر الأضلع الثلاثة: القرار السياسي القضاء الجريء والعادل ودور المجلس النيابي في الرقابة والمحاسبة باعتباره أم الهيئات الرقابية، ونحن ننوي في لجنة المال على تأكيد هذا الدور وعدم السكوت إطلاقا”.

عز الدين: استراتيجية وقائية
وزيرة التنمية الإدارية السابقة عناية عز الدين سلّمت الأمانة بعد أن وضعت استراتيجية لمكافحة الفساد مرفقة بالمخطط التنفيذي، وفي جلسات الثقة وُعدّت بدعم الإستراتيجية واعتمادها في البيان الوزاري.

تشرح عز الدين الاستراتيجية كمقاربة وقائية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، ولكن يجب أن تترافق بوضع أسس وثقافة داخل كل قطاع لإجراء تقييم لمكامن الفساد، وصولا لوضع منظومة كاملة لتبيان مخاطره وردم الثغرات ومعالجتها في مختلف القطاعات على مستوى إدارة الموارد البشرية، وتطبيق القوانين لمتعلقة بمكافحة الفساد واستكمال المنظومة التشريعية بقوانين جديدة .

البداية تلفت عز الدين “تكون بتطبيق القوانين الموجودة، واهمها قانون حق الوصول الى المعلومات، فالعقلية السائدة الخاطئة أنّ كل ما يتصل بالدولة هو سري بينما العكس هو الصحيح، بحيث أنّ كل ما له علاقة بالامن القومي والسيادة يكون سرّيًا، في حين أنّ الأمور المتعلقة بالشأن العام يجب أن تتاح للمواطن يترافق ذلك مع تأمين منصّة له ليكون قادرًا على التفاعل. لذا من المهم أن ننشىء استراتيجية التحول الرقمي كونها تشكّل منصة لتفاعل المواطنين وممارسة الشفافية، وهذا مسار طويل إنما قابل للتطبيق إذا توافر الدعم السياسي والإقرار بأنّ الصالح العام يجب أن يتفوق على المصالح الضيقة والفئوية والطائفية والمذهبية، لأنّ لبنان وصل الى مكان غير قابل للإستدانة”.

في أيّ حال نتمنى أن تكذّب الطبقة السياسية شكوكنا بأن ما نشاهده ليس سوى معركة بوجه طواحين الهواء، في حين أنّ الفاسدين في قلاعهم الحصينة، وأن تثبت لنا سوء نوايانا تجاهها، فتطلق يد القضاء وتحرره من ضغوطها وتطهّر الإدارة من الفاسدين بصرف النظر عن مواقعهم في الدولة العليا، عندها فقط سنستعيد أملنا المفقود بقيامة لبنان.

المصدر: خاص لبنان 24

نوال الأشقر

 



from شبكة وكالة نيوز https://ift.tt/2NzdNfk
via IFTTT

تعليقات

المشاركات الشائعة