اللحظات الأخيرة قبل الولادة الحكومية… تصدع في اللقاء التشاوري والقوات تنقذ الموقف
بعد تسعة أشهر من الأخذ والردّ، والشروط والشروط المضادة، تمكن الرئيس سعد الحريري من تشكيل حكومة “العهد الأولى” واخراج التركيبة من عنق الزجاجة، بعد اتصالات كثيفة جرت أمس للانتهاء من الملف على ما انتهى عليه.
الحريري: قضايا المواطن ستحضر في البيان الوزاري
وفي الشكل، لا تختلف الحكومة الجديدة عن الحكومة السابقة، بتوزيعها الطائفي والسياسي، لكن ما قاله الرئيس الحريري بعد تأليف الحكومة أكثر من واضح في العمل كفريق مع رئيس الجمهورية، وهو أكّد لـ”اللواء” ان كل ما ذكره عن قضايا المواطن ستحضر في البيان الوزاري، مشيراً إلى انه لم يختر اسماً لحكومته التي تعقد جلسة أولى لها غداً السبت بعد الصورة التذكارية.
القوات “قطفتها”
وتشير العديد من المصادر الى ان تنازل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن وزارة الثقافة لصحالح الرئيس نبيه بري، كن انتصاراً سياسياً ومعنوياً لجعجع، التي “قطف” عملية التشكيل من خلال تسهيل ابصارها النور. وقالت مصادر “القوات اللبنانية” لـ”النهار” إن الأولوية التي فرضت إيقاعها في اجتماع تكتل “الجمهورية القوية” هي تشكيل الحكومة التي تعلو ولا يعلى عليها، لأن البلاد لم تعد تحتمل استمرار الفراغ ولا دقيقة إضافية، واجتماع التكتل كان مخصصاً أساساً لإطلاق نداء شديد اللهجة اذا كان سيستمر هذا الفراغ، فضلاً عن ان “القوات” التي كانت قدمت التسهيلات اللازمة للتأليف كما ونوعاً لن تقف عائقاً أمام تبديل وزاري من الفئة نفسها إذا كان سيفضي إلى تأليف الحكومة، وهذا بالذات ما صرّح به رئيس التكتل سمير جعجع في ظل مخاوف من ألا يؤدي تجاوب “القوات” إلى ولادة الحكومة.
وأفادت المصادر ان الرئيس الحريري لم يفاتح “القوات” بالتبادل إلّا أمس انطلاقاً من اقتناعه بتعاون “القوات” على طول خط مسار التأليف، وعندما وجد نفسه أمام الحائط المسدود لجأ إليها، فيما لا يمكن “القوات” ان ترده خائباً، خصوصاً ان أولويتها ولادة الحكومة من أجل مواجهة المخاطر الاقتصادية والاستراتيجية وتلبية المطالب الحياتية للناس.
تخبط اللقاء التشاوري
أما في ما يتعلّق باللقاء التشاوري، أشارت معلومات “الديار” الى انه في الساعات الأخيرة التي سبقت الولادة جرت محاولات تصفها مصادر اللقاء التشاوري بـ”الرخيصة” لإحداث شرخ في اللقاء وكسره على أبواب انعقاد مجلس الوزراء، مشيرة الى أن “الحل الذي وصلنا إليه يحقق ما طالبنا به منذ اليوم الاول أي أن نتمثل بالحكومة بشكل مباشر، دون أي ملابسات، واليوم لا يظنّن أحد بأن وزيرنا في الحكومة لن يمثل صوتنا حصرا، لا صوت باسيل ولا غيره”، مشددة على أن هذا الأمر تُرجم من خلال التزام لفظي للوزير.
وتضيف المصادر: “كانت التسمية تتأرجح بين حسن مراد وعثمان مجذوب بعد استبعاد طه ناجي، وكانت المسألة سياسية خاصة تتعلق برئيس التيار الوطني الحر ورئيس الحكومة، اذ كان للأول أهدافه من تسمية مراد التي يتحسس منها الحريري، والذي يجد نفسه اليوم بعد تسمية مراد خاسرا كبيرا في هذه المسألة بنسبة اكبر مما كان سيخسرها لو سمى وزيرا سنيا معارضا من حصته شخصيا، لانه يعتبر وصول مراد الى الوزارة ووجود والده عبد الرحيم مراد في النيابة سيعطيان دفعا كبيرا لوجود آل مراد في البقاع على حساب الحريري وتياره، الامر الذي سيترجم في أي انتخابات مقبلة”.
وتلفت المصادر النظر الى أن وزير الخارجية جبران باسيل حاول اللعب على وتر الخلاف ضمن أعضاء اللقاء التشاوري فعملت وسائل اعلامه قبل وبعد تشكيل الحكومة على بث شائعات تتحدث عن اعتراض أعضاء من اللقاء على تسمية مراد، علما أننا سمينا جميعا ثلاثة أسماء ووافقنا جميعنا عليها، مع التأكيد أن أي نقاش في الأسماء كان يتم بيننا كان بهدف سياسي، حيث اننا طالبنا بالتمثيل كموقف سياسي لا لأجل مقعد وزاري.
وتكشف المصادر أيضا أن باسيل ورئيس الجمهورية لم يختارا حسن مراد حبا به مثلا، بل رفضا للمرشح الآخر عثمان مجذوب لقرب الأخير السياسي من النائب فيصل كرامي ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
وفي هذا الاطار لفتت صحيفة “الشرق الأوسط” الى انه ومن بين المرشحين الثلاثة الذين قدّمهم “التشاوري”، كان خيار عون، كما وزير الخارجية جبران باسيل، على مراد، الذي كان يلقى رفضاً من الرئيس المكلف، الذي دعم مستشار النائب فيصل كرامي، عثمان مجذوب. لكن وقوع الخيار على مراد أدى إلى تصدّع في صفوف “التشاوري” على خلفية مَن يقبل بشرط حضور ممثلهم اجتماعات ««لبنان القوي» (التيار الوطني الحر)، ومَن يرفض هذا الشرط.
وهذا التخبُّط أدى إلى انقطاع التواصل بين النواب السنّة، بحسب ما أشارت مصادر مطلعة لـ”الشرق الأوسط”، خصوصاً بعدما أبلغهم “حزب الله” بضرورة السير بمراد ومن دون الممانعة حتى بالمشاركة في اجتماعات “لبنان القوي”، وهو ما رأى فيه بعض الأعضاء “تنازلاً من اللقاء إلى أقصى الحدود”.
في المقابل، رأت مصادر مطلعة على موقف “حزب الله” أن ما حصل أمر طبيعي، معتبرة أن تصدّع “اللقاء” قابل للتصحيح، وقالت لـ”الشرق الأوسط”: “في النهاية هناك تسويات لا بد أن تحصل، (اللقاء) قدّم ثلاثة أسماء، من ضمنهم حسن مراد المدعوم من باسيل، وبالتالي على الجميع القبول بالنتيجة”، من دون أن تنفي أن باسيل حصل بذلك على الثلث المعطل، مجددة التأكيد أن ««حزب الله» لم يكن يوماً ضدّ هذا الأمر، معتبرةً أن مراد ليس بعيداً كثيراً عن الحريري وعن المحيطين به.
في المقابل،اعتبر بعض الأوساط أن العقد التي أخرت التأليف داخلية تعود إلى قراءة كل فريق لنتائج الانتخابات النيابية في أيار الماضي وفق أهوائه، خصوصا أنها شهدت ارتفاعا في عدد نواب “حزب الله” وحلفائه في “التيار الوطني الحر” وقوى 8 آذار وانخفاضا في كتلة “تيار المستقبل”، فإن بعض الأوساط السياسية اللبنانية ظل مقتنعا بأن أسباب تعطيل ولادتها كانت خارجية أو بحسابات خارجية عند أطراف محليين، بدليل أن ضغوطا دولية جرت ساهمت في الإفراج عنها منها اتصلات أجرتها موسكو مع كل من “حزب الله” وطهران أجراها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، شملت أيضا وزير الخارجية جبران باسيل، للحض على تسهيل ولادتها. كما أن هذه الأوساط أشارت إلى ضغوط المجتمع الدولي لا سيما فرنسا للتعجيل بالحكومة وإلا تلاشت قرارات مؤتمر “سيدر” فضلا عن أن تشجيع وكيل وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل خلال زيارته بيروت قبل أسبوعينن على تفعيل حكومة تصريف الأعمال في حال تأخر تأليف الحكومة، شكل عاملا ضاغطا هو الآخر لإنجاز التشكيلة الحكومية.
from شبكة وكالة نيوز http://bit.ly/2HLGbM1
via IFTTT
تعليقات
إرسال تعليق