دفوف الخليج تضرب ومزمار دمشق يطرب

 

 

 

صمتت بنات آوى في الصحراء العربيّة ، أصواتُ دفوفِ الفرحِ باتت تعلو تدريجيّاً من مكانٍ بعيد، لقد تمَّ إبعادُ شخصيّاتٍ جدليّةٍ كانت رأس حربةٍ في الأزمةِ السوريّة، لم يَعُد الربعُ الخاليّ ساكناً كما قبل، فصوتُ التغييرات الطارئة سياسيّاً أحدث عاصفةً رمليّة .
السوريّون تحضروا لـ “عراضةٍ شاميّة” تليقُ بالحدث، مزمارُ الشام بدأ يطرب بسماع دفوفٍ خليجيّةٍ، القرارُ قد صدرَ، عودةُ سورية للمشهد العربيّ، تلك السياسة التي جعلت الأمير مكيافيلي لا يزالُ يتحدّث للعالم من قبره، فللسياسة متغيّراتها ومصالحها.
ليس العربُ وحدهم من باتوا يتحدّثون بلسان ضاد أخفته أصوات المدافع المنتشرة هنا وهناك، بل حتّى الغربيّون أنفسهم، الإنجليز وعبر سفيرهم السابق في البحرين بيتر فورد قال إنَّ الوقتَ قد حان لإعادةِ العلاقات العربيّة الطبيعيّة مع سورية، بحسب معلومات الرجل فإنَّ السعوديّة قرّرت إعادة العلاقات مع دمشق.
فيما الحديث يتصاعد حول إمكانيّة مشاركة سورية في القمّة العربيّة المُزمع عقدها في تونس آذار القادم، أوساط إعلاميّةٌ خليجيّةٌ مقرّبة من مراكز القرار في بلدانها قالت وفق ما تملكه من معلومات إنَّ رؤساء دول عربيّة ستوجّهون في الفترة المُقبِلة لزيارة دمشق والحديث هنا ليس مقتصراً على الرئيس الموريتاني فقط.
علاقةُ دمشق بكلٍّ من الجزائر والعراق ممتازةٌ، ومع تونس شابها توتّرات، لكنَّ شعرةَ معاويّة بقيت، سلطنةُ عمان أبقت على خطّها الساخن مع السوريّين، فيما اتّخذت الإماراتُ أقلّ المواقف خصومةً مع دمشق خلال سنواتِ الحرب، يُقال إنَّ الكويت تتحضّرُ لفتح سفارتها رغم أنّها لم تُغلَق، لتبقى الأنظارُ شاخصةً صوب السفارة السعوديّة في الشام.
العلمُ ذي النجمتين الخضراوتين سيكونُ حاضراً بقوّةٍ مجدّداً، لم يستطع علم المعارَضة أنْ يصمدَ بوجهِ الواقع، لقد كان مجرّد إكسسوار يكرس حالةَ المشكلة السوريّة بدعمٍ خارجيّ، فجأةً اختفت الملائكةُ التي كانت تقاتلُ إلى جانب ميليشيات المُعارَضة بحسب زعمهم، هل من المعقول أنْ ينقلبَ الملكوتُ سياسيّاً أيضاً إلى صالح دمشق؟
الإعمار والاستثمار وإعادة التموضع الإقليميّ العربيّ سياسيّاً، مع ما أسماه بعض العرب بالتغوّلِ التركيّ يُضاف إلى ذلك حاجة المنطقةِ للاستقرارِ بعد 8 سنوات استنزفت البشر والحجر والشجر، كلُّ ذلكَ لَعِبَ دوراً فيما نشهده حاليّاً، أمّا عن “التغوّل” الإيرانيّ فهو سحابةُ صيفٍ، إذ بمجرّد عودة العلاقات مع سورية، يمكنُ للأخيرة لَعِب دورٍ وسيط فاعل بين الحليف الإيرانيّ والعرب، مشكلة الرياض مع أنقرة أكبر من تلك الموجودة لديها مع طهران، الدور الذي تلعبه تركيا منذ سنواتٍ في المنطقة جعلَ منها خطراً على السعوديّة، لعلّها أحد الأسباب التي دفعت الرياض للتفكير بإعادة علاقاتها مع دمشق، هذه آخر السطور المكتوبة في العام 2018 ستمضي ساعات لندخلَ في العام الجديد، والذي سنشهد فيه فتح جميع السفارات العربيّة، مشاركة سورية في القمّة العربيّة، وساطة سورية بين الخليجِ وإيران، مشاريع اقتصاديّة حيويّة إقليميّة تتمثّل بسككٍ حديديّةٍ وممرّاتٍ مائيّة وطرقٍ بريّة ومناطق تجارةٍ حرّة سيشترك بها الروسيّ بقوّةٍ، ولن يكون الإيرانيّ غائباً عنها، هذه أسباب ستدفعُ التركيّ أيضاً للتفكير بتغيير سياسته، لن يطول الزمن حتّى تقرؤون تحقّق تلك الأحداث، هذا ما يحدث عندما تعودُ الدفوفُ الخليجيّةُ لتندمجَ مع صوتِ المزمار الدمشقيّ.

الكاتب السوري.. علي مخلوف

 



from شبكة وكالة نيوز http://bit.ly/2QgdEgu
via IFTTT

تعليقات

المشاركات الشائعة