سوريا تتجه شرقا والغرب يبني جدران لإيقافها وسوتشي تحكي لكم ما يجري

الوقت- هناك على الضفاف الشرقية للبحر الأسود اجتمع السوريون بجميع أطيافهم على أمل أن ينقلوا الحوار قريبا إلى بلادهم المطلة على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، وبين الضفتين تحاول موسكو جاهدة أن تدفع الأمور باتجاه الحل ومحاولة امتصاص العراقيل التي تضعها واشنطن ومن خلفها دول الغرب في مسير هذا الحوار، وهنا يبقى الرهان على السوريين أنفسهم وكيف يمكن أن يمضوا قدما في تذليل العقبات التي يمكن أن تمنعهم من الجلوس حول طاولة حوار واحدة.

مضت الأمور في سوتشي على نحو جيد، وأعلن قسم كبير من المعارضين مشاركتهم في أعمال مؤتمر “الحوار الوطني” في سوتشي يومي ” 29 و30 يناير/كانون الثاني”، إلا أن وفد المعارضة السورية المسلحة الذي قدم من أنقرة قرر في آخر لحظة، عدم المشاركة في المؤتمر والعودة من حيث أتى، وبقي 4 أشخاص فقط من الوفد المذكور وافقوا على المشاركة في المؤتمر، بينما قرر 83 آخرون المغادرة، بحسب “روسيا اليوم”.

ومع ذلك فقد انطلقت أعمال مؤتمر الحوار الوطني السوري، رسميا، اليوم الثلاثاء، في سوتشي، بمشاركة 1511 سوريا، منهم 107 ممثلين عن المعارضة الخارجية، وأشارت معطيات عديدة إلى أن تركيا ما زالت تمارس ضغوطات كبيرة على “هيئة التفاوض” المعارضة لدفعها إلى المشاركة في المؤتمر، بعدما أعلنت مقاطعته بتشجيعات من واشنطن وحلفائها الغربيين، وقال مصدر بالخارجية التركية لوكالة رويترز إن الوفد التركي سيمثل المعارضة في المحادثات.

وشارك في المؤتمر المبعوث الأممي إلى سوريا ستفان دي ميستورا، بينما قاطعته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ومع ذلك فقد كان هناك ثقة من الجانب الروسي بأن الحملة الغربية التي تقودها واشنطن وباريس ضد المؤتمر، لن تنجح في التقليل من إنجازاته.

الغاية من سوتشي

الجميع يعلم بأن اجتماعات آستانا تمكنت من تخفيف التصعيد العسكري في سوريا من خلال تحديد مناطق لخفض التصعيد في سوريا تم الالتزام بها إلى حد كبير خاصة من جانب الحكومة السورية، التي امتصت الكثير من الخروقات التي قامت بها المعارضة المسلحة، وبالتالي فقد تمكنت محادثات آستانة من إحداث تطور إيجابي في مسير الأزمة السورية على المستوى العسكري، واليوم تأتي سوتشي لتكمل هذا المسار ولكن عن طريق السياسة، ليتمكن الشعب السوري بتقرير مصير بلاده بشكل مستقل دون ضغوط خارجية وخلق مساحة للحوار بين جميع السوريين عبلا ممثليهم في سوتشي.

ويمكننا تلخيص الغاية من سوتشي بالتالي:

أولاً: الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامتها وعدم السماح لأي دولة بالمساس بهذا الحق المشروع، وكان جليا خلال الفترة الماضية المساعي الغربية لإحداث شرخ بين السوريين وتقسيم البلاد عبر بوابة واشنطن التي لا يهنأ عيش لطالما هناك من يسعى لإيجاد حل سلمي في سوريا، فأمريكا ومن وراءها دول الغرب يريدون تقسيم سوريا إلى قبائل وعشائر ومناطق حسب الطائفة أو العرق.

وفي الوقت نفسه، نجد أن روسيا وإيران، بوصفهما الرعاة الرئيسيين للاجتماع، عازمتان على هزيمة أي سيناريو في اتجاه تفكك سوريا بعد الانتقال من المرحلة العسكرية وهزيمة الجماعات الإرهابية الكبرى دعما لسلامة أراضيها.

ثانياً: إزالة أحد أهم العقبات أمام نتائج المحادثات السابقة في جنيف، وهي مسألة فرض شروط مسبقة لا يمكن التنبؤ بها من جانب المعارضة ومؤيديها، تتمثل بشرط انسحاب الرئيس الأسد من السلطة.

وفي هذا السياق، سيتعين على سوتشي أن يوفر الشروط للمشاركين للاتفاق على وجود الأسد في الفترة الانتقالية، لأن الحقائق الميدانية زادت من قدرة دمشق التفاوضية على رفض أي شروط مسبقة من قبل المعارضة.

ويمكننا القول انسحاب الأسد من السلطة، الذي ينبع أساسا من الإرادة الخارجية، لا يهدف إلى حل الأزمة، بل يهدف إلى تخريب عملية التفاوض، وبالتالي يجب على الشعب السوري نفسه تقرير مصيره خلال المرحلة الانتقالية وانتخاب رئيس للبلاد ضمن انتخابات حرة يتم تحديدها خلال الحوار وبمشاركة جميع ممثلي الشعب دون استثناء أحد.

ثالثاً: الوصول إلى مفاتيح لإنهاء الأزمة، والجميع يعلم بأن سوتشي الآن لن تنهي الازمة لكنها توفر مناخ جيد للمضي قدما في هذا الاتجاه، وهذا الكلام يوافق عليه الجميع، حتى المعارضين، فقد رأى المعارض هيثم مناع أن المؤتمر “فرصة للقاء السوريين لأول مرة وجهاً لوجه”، مضيفاً أنه “لن يكون هناك فرصة حتى للنظام للتهرب من الحوار، ومن يرفض الحضور فليقل لنا ماذا قدّم”.

لكن الواقع على الأرض يقول بأن هناك تدفع بكل ما أوتيت من عزم لمنع نهاية الأزمة السورية لأنها ترى أن ما يجري يتماشى مع مخططاتها وسياستها وهنا نقصد “الولايات المتحدة الامريكية” وفي الأيام الأخيرة سعت هذه الدولة المذكورة الى اتهام الحكومة السورية باستخدام الاسلحة الكيماوية السورية ومنع التوصل الى حل سياسي للازمة السورية.

من ناحية أخرى، فإن إعلان المسؤولين الأمريكيين استمرار الوجود العسكري في شمال سوريا بحجة استمرار وجود داعش في البلاد يعكس حقيقة أن واشنطن وحلفائها العرب في المنطقة يرفضون مغادرة الأراضي السورية دون الحصول على نتيجة مقبولة بالنسبة لهم وهذا يعني أن الأزمة ستتفاقم في حال بقوا يمارسون هذا الدور التخريبي.

ولذلك، فإن سوتشي عازمة على تهميش جميع الجهود الرامية إلى إجهاض الحوار بين السوريين.

رابعاً: بالرغم من أن الأكراد لم يشاركوا في المؤتمر إلا أنهم لم يعارضوا بشكل أساسي محادثات سوتشي، وكانوا على استعداد للمشاركة في المحادثات، ولكن ما جعلهم يثنون عن قرارهم عمليات الجيش التركي في عفرين الأسبوع الماضي، وإلى حد ما عدم رضاهم عن صمت موسكو حول العملية.



from wakalanews.com http://ift.tt/2FyMgpk
via IFTTT

تعليقات

المشاركات الشائعة