هل يصل “زيتون” أردوغان الحارق إلى منبج؟ وأيّ لقب يُحضّر له في البرلمان؟
لم يحلّ “غصن الزيتون” سلاماً على الأكراد في سوريا، هم الذين قاتلوا تنظيم داعش نيابةً عن قوى كبرى، وحلموا باقتناص فرصة كونيّة لن تتكرر قبل عقود، لتحقيق حلم القومية الكردية كنواة لقيام الدولة “الممنوعة”، يشعرون اليوم بخذلان القوى الدولية والإقليمية التي عوّلوا عليها للوقوف بوجه العملية العسكرية التركية، لاسيّما الولايات المتحدة الأميركية، وهم الذين شكّلوا عماد استراتيجيتها في سوريا.
ليس فقط تشرذم البيت الكردي ما حال دون التقدم باتجاه الحلم القديم المتجدد، والأكراد لا شك وقعوا ضحية تقاطع مصالح الدول الكبرى والظروف، بحسب مقاربة الباحث في الشؤون التركية الدكتور محمد نور الدين الذي لفت في حديث لـ “لبنان 24” إلى “أنّ الدول قدّمت مصالحها في الأزمة السورية، ومنهم الروس الذين راهنوا على إحداث تغيير استراتيجي في العلاقة بين تركيا وبين الغرب والأطلسي، وعلى مجموعة من المقايضات بين تركيا وروسيا يستفيد منها الطرفان، التركي من خلال تأمين مصالحه في سوريا، والروسي من خلال تأمين المصالح الإقتصادية مع تركيا، وأنابيب النفط ،والإتفاق بإنشاء مفاعل نووي لتوليد الطاقة في تركيا من قبل شركة “روساتوم” الروسية، وصفقة صواريخ اس 400 المتطورة، وباعتقادي أنّ الروس يسعون لتأمين مصالحهم ولا يهمهم كثيراً مآل الواقع الكردي في عفرين، خصوصا أنّ غالبية الأكراد ينسّقون ويتعاونون مع الولايات المتحدة، كما أنّه ليس للروس قاعدة كردية، وهم مستعدّون للتخلي عن الأكراد في عفرين مقابل مجموعة كبيرة من المصالح، التي لا علاقة لها بالأزمة السورية بل بمصالح روسيا كدولة كبرى لها اهتمامات تتخطّى بالتأكيد الساحة السورية”.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن عن توسيع العملية العسكرية من عفرين إلى منبج، “فجنودنا هناك يسطّرون ملحمة، ولن ننظر إلى دموع الآخرين أمام أيّ تهديد لمواطنينا وأموالنا وعرضنا “، والذرائع التركية حاضرة “هؤلاء إرهابيون ويستهدفون الأمن القومي”، حتّى أنّ أردوغان ذهب إلى حدّ تشبيه ما يفعلونه في “غصن الزيتون” بالتصدي لمحاولة الإنقلاب، فهل سينفذّ ما أعلنه من توسيع نطاق “تنظيف” المنطقة من الإرهابيين بالتسيمة التركية؟
في هذا السياق يلفت نور الدين إلى أنّه “وفي اليوم الذي بدأت فيه العملية في العشرين من كانون الثاني الحالي، وضع أردوغان مجموعة أهداف للعملية لا تقتصر على عفرين، بل تتخطّاها إلى منبج وشرق الفرات وصولاً إلى الحدود العراقية، وهذا لا يعني تنفيذه الأهداف دفعة واحدة، أو السيطرة على عفرين دفعة واحدة، بحيث حدّد رئيس الحكومة بن علي يلدريم أربعة مراحل “لتطهير”عفرين، ولذلك نجد هذا البطء في مسار العملية الناتج عن توقع مفاجآت عسكرية ميدانية من جانب المقاتلين الأكراد”.
الضوء الأخضر الذي حصلت عليه تركيا في عفرين هل ينسحب على منبج؟
يجيب نور الدين “بتقديري أنّ الروس منحوه الضوء الأخضر فيما يتعلق بعفرين وكان لهم وجود ولو عبر خبراء ومستشارين، ولكنّهم لا يستطيعون أن يمنحوه ضوءاً أخضر في مكان تواجد الأميركيين، وسمحوا للطائرات التركية باستخدام المجال الجوي في تلك المنطقة، أمّا في منبج فالمسألة مختلفة ولا وجود للروس فيها”.
أردوغان ربط أهداف الحملة بإعادة النازحين “بلدنا يستضيف 3.5 مليون نازح سوري ونعمل لعودتهم إلى ديارهم”، وورقة النزوح استخدمها أردوغان منذ بدء الأزمة السورية يلفت نور الدين “أول ورقة استخدمتها تركيا من أجل تمرير مشاريعها في سوريا كانت ورقة الجيش السوري، وورقة النزوح تستخدمها في أكثر من اتجاه، وتبتز بها الاتحاد الاوروبي، وأردوغان قصد القول إنّ السيطرة على جزء من الاراضي السورية يساهم في حلّ مشكلة النازحين، بينما الواقع مغاير، لأنّ عودة النازحين غير واردة طالما أنّ العمليات العسكرية مستمرة وكذلك حالة عدم الاستقرار السياسي، حتّى المناطق التي احتلّتها تركيا لن تشهد عودة للنازحين إلا في إطار تغيير البنية الديمغرافية، وإجراء عملية تبديل ديمغرافي بين السكان الذين يتمّ تهجيرهم من قبل الجيش التركي، وغالبيتهم من الأكراد،بآخرين يوالون تركيا”.
أردوغان الذي يطمح بالفوز في ولاية رئاسية جديدة يخوض “غصن الزيتون” وعينه على إستحقاق 2019 “منذ الإنقلاب العسكري أنصبّت استراتيجية اردوغان في الداخل والخارج في العراق وسوريا تحديداً، باتجاه تلافي مكامن الضعف التي أصابت سلطته بعد الإنقلاب، وهذا يتطلب خطّة طويلة المدى تصل في نهايتها إلى انتخابات الرئاسة عام 2019 ، وعندما وضع جملة أهداف عسكرية تبدأ بعفرين مروراً بمنبج ثم شرق الفرات، إنّما كان يراهن على أنّ هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها دفعة واحدة، بل بالتدريج وصولا إلى موعد الإنتخابات الرئاسية والنيابية عام 2019، ليظهر بصورة البطل القومي، وما هو ملفت وظريف في آن بأنّ بعض أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية يعدّون مشروع قانون لتقديمه إلى البرلمان لمنحه لقب “الغازي”، وهو لقب تركي لا يمنح إلاّ لقادة الغزوات الذين سطّروا إنجازات عسكرية باهرة، وهم ينظرون إليه على أنّه بطل قومي”.
بين عفرين ومنبج وسائر المناطق ذات الغالبية الكردية من جهة وتركيا من جهة ثانية، صراع يتخطّى الزمان والمكان، ويعود إلى حقبة المؤسس مصطفى كمال أتاتورك الذي نجح في أعقاب الحرب العالمية الأولى في الإلتفاف على اتفاقية سيفر عام 1920، وهي أول اتفاقية نصّت على إقامة دولة كردية، تلتها حقبات من الصراع بين الأتراك والأكراد، ولا يمكن التنبؤ بنهايته.
نوال الأشقر خاص “لبنان 24”
from wakalanews.com http://ift.tt/2E1DTVW
via IFTTT
تعليقات
إرسال تعليق